رفضت المديرة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بمكناس وفاء شاكر، الحديث عن ثنائية الهامش والمركز في مقاربة تدبير المديرية وتسيرها الإداري، حيث اعتبرت بأن المؤسسات التعليمية توجد في كف واحد سواء تلك المتواجدة بالعالم القروي أو المجال الحضري.
المديرة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية وخلال حضورها لفعاليات الاسبوع الثقافي المنظم من طرف ثانوية الزيتون الإعدادية بجماعة الدخيسة ما بين 23 و28ماي، أكدت بأن الزيارات الميدانية للمديرية الإقليمية تروم تثمين مجهودات الأطر التربوية والإدارية والوقوف على مدى التنزيل السليم لمشاريع القانون الإطار بالمؤسسات التعليمية.
في حوار خصت به جريدة مغرب 28 تتحدث المسؤولة الإقليمية عن مفاتيح انجاح الأنشطة الثقافية بالمؤسسات، كما تؤكد على ضرورة تظافر الجهود بين مختلف المكونات للارتقاء بجودة الحياة المدرسية، فضلا عن توضحيها لفلسفة المديرية في تنزيل المخططات الداعمة للأنشطة الثقافية.
ماهي دلالات حضور المديرة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية في فعاليات أسبوع ثقافي منظم بمؤسسة تربوية يمكن اعتبارها متواجدة بمنطقة هامشية مقارنة بمؤسسات أخرى؟
هذه ثالث زيارة لي لهذه المؤسسة بجماعة الدخيسة، منطق الهامشي مرفوض، جميع المؤسسات سوى سية و ليست هناك مؤسسة هامشية أو مهمشة أو تتواجد في منطقة هامشية، جميع المؤسسات نتعامل معها على قدم المساواة.
بقدر ما نتحدث عن تعلمات أساس و تطوير الكفايات وكفاءات التلاميذ نتحدث عن تخليق الحياة المدرسية، بالمؤسسات التعليمية، هناك فريق عمل تربوي واداري يقومون بعمل جبار من أجل الارتقاء بالفعل التربوي.
الزيارات الميدانية التي تقوم بها المديرية الإقليمية لا تأتي من فراغ، بل لتثمين المجهودات التي تقوم بها الأطر التربوية وكذا للوقوف على مدى تنزيل مشاريع القانون الإطار داخل المؤسسات التعليمية.
رأينا اليوم مهارات التلاميذ التي لا تبرز أحيانا في القسم وبالتالي الأنشطة الموازية أو أنشطة الحياة المدرسية تمكن من التعرف على مواهب التلاميذ وإعطائهم أمل في المستقل، لأنه ليس بالضرورة جميع التلاميذ يرغبون في أن يلجوا مهنة التدريس أو الطب أوالهندسة أو الإعلام، فهناك تلاميذ يريدون أن يصبحوا فنانين تشكيلين أو رياضيين وهناك تلاميذ يرون آفاقهم وكأنها ليس بالمؤسسات التعليمية وبالتالي هذه الأنشطة تمكنهم من ابراز مواهبهم.. مثلا اليوم رأينا تلميذة تكتب سيرة ذاتية من 80 صفحة وسيتم انتاج مؤلف لها، المديرة وطاقمها التربوي مشكورين واكبوا هذا العمل التربوي، وسيقومون بإخراج هذا المنتوج التربوي للنور من خلال طبع الكتاب وتوزيعه، فمثل هذه الممارسات تمنح أمل للتلاميذ لإيجاد ذواتهم داخل المؤسسة التعليمية.
الوزارة تعمل على اكساب التلاميذ للتعليمات الأساس، كما تسعى إلى التمدرس الإلزامي للجميع وكذا تخليق الحياة المدرسية و إشاعة قيم المواطنة و التآزر.. و ما أحوجنا لمثل هذه الأنشطة، فالأسبوع الثقافي يمكن أن يكسب التلاميذ العديد من الكفايات ولنا في ورشة استاذ الفيزياء مثال، فهي ورشة لإنتاج موارد من صنع التلاميذ تطبيقا للدروس النظرية التي يقومون بها.
هل هناك مخطط أو برنامج عمل تحرص المديرية الإقليمية على تنزيله لدعم مثل هذه الأسابيع الثقافية؟؟
البرامج التي يتم تنزيلها من طرف المديرية الإقليمية هي مخططات وزارة التربية الوطنية، فالمديرية تحرص على الانخراط في جميع المخططات التي تسطرها الوزارة، فأنشطة تخليق الحياة المدرسية يتم تنزلها على صعيد الجهات ثم يتم التملك على مستوى المؤسسات من أجل الاشتغال عليها.
ولعل من بين هذه البرامج نذكر على سبيل المثال لا الحصر، الانخراط في الفيلم التربوية، فهو نشاط تبنته الأكاديمية الجهوية لفاس مكناس، ينظم كل سنتين و تشارك فيه مختلف المؤسسة التعلمية على الصعيد الوطني.
هناك كذلك القصة القصيرة .. تحدي القراءة العربي… فن الخاطبة …هناك الشعر العربي الفرنسي الإسباني و الإنجليزية .. المسرح الغناء.. هناك البرامج التي تستهدف الحفاظ على الماء والتحسيس بأهمية السلامة الطرقية وغيرها من الأنشطة..
لا ننسى كذلك الأدوار التي يضطلع بها مركز التفتح الفني والأدبي في صقل مواهب التلاميذ، خاصة مع تأطيرهم من طرف اساتذة أكفاء ذو خبرة في مجال التنشيط الثقافي.
هذه برامج عمل يتم وضع خطوطها العريضة من طرف الوزارة، وتدريجيا يتم تنزيلها في المؤسسات التعليمية، وطبعا المجال مفتوح للإبداع وأي مؤسسة يمكنها أن تبدع وتقترح نشاطا غير متضمن في الأنشطة الرسمية فقط المؤسسات التعليمية يجب أن تنطلق من مشاريع القانون الإطار بشكل صحيح.
أيضا تخليق الحياة المدرسية عبر التشبيك الموضوعاتي ( أي أنه هناك العديد من الأنشطة) التي تتم على الصعيد الوطني وفي نفس المواقيت وبصيغة معينة تنخرط فيها المؤسسات التعليمية..
حتى لا ننسى كذلك فضلا عن الأسابيع الثقافية هناك الأسابيع الربيعية و أسابيع التوجيه وغيرها، فكل مؤسسة تنفرد بتطوير و تنزيل الأنشطة الموازية وتسعى لوضع بصمة خاصة بها.
ماهي الرسائل التي يمكن أن توجهيها للمؤسسات التعليمية التي تشهد شُحا في تنظيم هذه المبادرات؟؟ هل من اجراءات زجرية ضد المتخاذلين في تفعيل أنشطة الحياة المدرسية؟؟
نحن طاقم تربوي بامتياز ومقاربتنا كإدارة اقليمية هي مقاربة تربوية…نحن لا نتعامل بمنطق الزجر.. بالنسبة للتخاذل أنا لا أرى تخاذلا رؤساء المؤسسات بمديرية مكناس، الكل منخرط في الأنشطة الموازية فقط منسوب الانخراط يختلف من مؤسسة لأخرى وهذا تحكمه عدة عوامل.
فالفضاء التربوي ودرجة انخراط الأساتذة وضغط استعمالات الزمن ومعادلة الدعم التربوي على حساب الأنشطة الموازية.. هناك مثلا بعض المؤسسات يصعب القيام بالأنشطة الموازية لأن ورشات البناء مفتوحة فيها وبالتالي الفضاء لا يسمح لكن يمكن ايجاد بدائل عبر القيام بالأنشطة داخل القسم.
إذن فلا يمكن الحديث عن تخاذل وليس هناك مؤسسة واحدة لا تقوم بالأنشطة الموازية و الدعم التربوي على صعيد المديرية الإقليمية لمكناس و أنا أتحدى من يقول العكس ..
الاختلاف يكمن في تواجد مؤسسات نشيطة ذات إشعاع قوي وأخرى تقوم بأنشطة محتشمة وبالتالي لا يمكن أن نتحدث عن مؤسسة كسولة لأننا بصدد الحديث عن منظومة لا يمكن أن نسمح بالتكاسل والتخاذل فيها.
يمكن أن نتحدث عن أشخاص متكاسلين أما المؤسسات فلا …فقط من لديه سرعة الإيقاع بطيئة سنعمل على مواكبته وتأطيره لتصبح سرعته مواكبة للتغيرات وتنزيل مشاريع القانون الإطار.
هو ليس تكاسل بقدر ما هو ايقاعات مختلف وهو يتطلب انخراط الأساتذة و الإدارة التربوية داخل مشروع الأنشطة المندمج .. فمشروع الأنشطة المندمج لا يتم المصادقة عليه حتى يكون متضمنا للأنشطة الموازية ومستهدفا لتخليق الحياة المدرسية.
ماذا عن اكراه التنشئة الأسرية للتلاميذ ورفض الانخراط في الأنشطة الثقافية للمؤسسة، واعتبارها مضيعة للوقت؟؟
تحفيز الآباء وانخراطهم رهين بدور جمعية آباء و أمهات وأولياء التلاميذ داخل المؤسسة التعليمية، فمن الواجب عليها أن تتواصل مع الآباء وتقربهم من جميع العمليات التي تقام داخل المؤسسة التعليمية بما فيها الأنشطة الموازية، وهذا دور المؤسسة لأن المؤسسة تؤثر في المجتمع شئنا أم أبينا، كما يؤثر المجتمع في المؤسسة كذلك.. نحن نواكب، نؤطر، نعلم، نربي، لكن إذا كان المجتمع الخارجي عكس ما نقوم به داخل المؤسسة التعليمية يصبح الإكراه مضاعفا..
لقد قامت مؤسسة الزيتون الإعدادية بمعرض للمنتوجات اليدوية التقليدية العتيقة من انتاج التلاميذ.. إذن فما الذي يدفع أولياء الأمور لإعطاء هذا الموروث الثقافي لأبنائهم والسماح لهم بإحضاره للمدرسة، طبعا اقتناعهم بأن الأمر يدخل في تكوينهم وهم بذلك يعبرون بطريقتهم على انخراطهم في العملية …
وخلاصة القول هنا (مايقع في المدرسة المغربية هو مشروع مجتمعي بأسره، لا يعني المؤسسة لوحدها).
كمديرية إقليمية، كيف تدبرون الفارق المتواجد بين مؤسسات الهامش و المركز من أجل استفادة عادلة من ظروف تنظيم الاسابيع والأنشطة الثقافية ؟؟
نتحدث عن تمييز ايجابي لبعض المؤسسات التي تعرف نواقص و المتواجدة في المجال القروي فمثلا حينما نتحدث عن الدعم الاجتماعي فهو يوجه بالدرجة الأولى إلى العالم القروي والأمر نفسه بالنسبة للنقل المدرسي، فنحن نحاول تقريب الخدمات للأسر المعوزة ..
برمجة الأنشطة يجب أن تراعي المحيط والوسط ومتطلبات التلاميذ كذلك.. هذا مشروع مجتمعي و تنزيل لتوجهات الوزارة، فالأنشطة لا نتحدث عنها بشكل فضفاض وغير ممأسسة وغير مبنية على أسس تربوية.. فجميع الأنشطة لها أهداف معينة ..
هناك أمثلة لبعض المؤسسات في العالم القروي من ناحية جمالها وأنشطتها تفوق بكثير ما نجده في بعض المؤسسات بالعالم الحضري وبالتالي المشكل ليس مرتبطا بثنائية حضري قروي أو مركز وهامش بل الأمر يتعلق بالانخراط والرغبة في تنزيل مشروع تربوي داخل مؤسسة تعليمية.