حصيلة وأد المشهد الثقافي بأكادير، من خلال أراء عدد من المتتبعين؟
مع نهاية الولاية الحالية للمجلس الجماعي لأكادير سيكون الستار قد أسدل على أسوء فترة عرفها فيها المشهد الثقافي انتكاسة حقيقية بإجماع عدد من الفنانين والمثقفين والمتابعين للمشهد عن قرب، فبالرغم من المبادرات التي تم إطلاقها إلا أن ست سنوات من تدبير القطاع من طرف المجلس في شخص السيدة نعيمة فتحاوي كانت سنوات عجاف ثقافيا وفنيا ومع تداعيات جائحة كورونا فإن المشهد أصبح أكثر قتامة.
و حتى نكون منصفين فإن السيدة نعيمة الفتحاوي التي كانت تتأبط ملف الثقافة ما فتأت تعبر في كل مناسبة عن رغبتها الأكيدة في تحريك المشهد الثقافي بالمدينة، ولكن بحسب المقربين من دواليب التدبير فإن السيدة كانت تخونها قلة تجربتها في مجال التسيير، لأن تسير قطاع من حجم القطاع الثقافي بمدينة من حجم أكادير لا يمكن مقارنته بتجربة بسيطة في تدبير جمعية في الحي، كما أن التوجه العام للمجلس الذي سيرته العدالة والتنمية دون أي معارضة تذكر ، كان يضع الثقافة في ذيل اهتماماته.
إن ما كانت تجهله السيدة فتحاوي ومن معها من مدبري الشأن المحلي أن قطاع الثقافة في مدينة مثل أكادير بوصفها مدينة سياحية وشاطئية وتستقطب سياحا من كل بقاع الأرض، أن الثقافة والفن هو المجال الأول الذي يجب أن تتوجه إليه الاستثمارات.
إن أول دليل على ما وصفه معظم من استمعنا إلى آرائهم بالانتكاسة الثقافية التي أصابت أكادير هو الحالة التي يوجد عليها مسرح الهواء الطلق اليوم والذي لايزال يسيره حارس ولا يتوفر على أية إدارة محترمة كفيلة بتنشيط هذا المرفق المهم، وهو حال العديد من البنيات التحتية التي تعرضت للإهمال.
كما أن مدينة بحجم أكادير لم تتوفر في أي مرحلة من مراحل الولاية المنتهية التي دبرها حزب العدالة والتنمية على أي برنامج ثقافي وفني يغطي جميع فصول السنة، ومن شأنه أن يصالح الجمهور وساكنة المدينة مع الفضاءات الثقافية على قلتها.
إن مدينة أكادير لم تنل حظها من المشاريع الثقافية الوطنية بالرغم من تواجد مديرية جهوية للثقافة منذ عقود من الزمن، فأي حصيلة إذن يمكن أن تفتخر بها السيدة الفتحاوي التي لم يكن نظرها بعيدا إلى مستوى إدراك أهمية التنسيق بين المؤسسات والوزارات المعنية من أجل تحقيق الإنصاف الثقافي لمدينة الانبعاث.
ألم تنتبه السيدة نعيمة إلى أن الأطر المسيرين الذين يتم تعينهم من أجل إدارة بعض المؤسسات الثقافية بالمدينة لم تكن لهم علاقة بالمجال الفني والثقافي، بل مجرد موظفين يتعاملون مع الثقافة بمنطق العمل الإداري المحض.
ومن أكبر المهازل التي تعبر عن هذه الوضعية الشاذة هو إغلاق مجموعة من المرافق والفضاءات الثقافية ابتداءا من مساء يوم الجمعة والسبت والأحد ولا تفتح أبوابها إلا يوم الاثنين وهو ما يتنافى ومنطق المرفق الثقافي الذي يجب أن يكون رهن إشارة الزوار في أيام العطل.
بالرغم من المشاريع التي تم الإعلان عنها مؤخرا والتي تندرج تحت برنامج النهوض بالوضع الثقافي بالمدينة إلا أن مدينة أكادير لا تتوفر على مسرح بالموصفات التقنية والفنية المفروض أن تتوفر في مؤسسة من هذا القبيل.
فمدينة أكادير محرومة من قاعة سينمائية محترمة من شأنها احتضان المهرجانات السينمائية التي يعلن عن تنظيمها من حين لآخر والتي يجد المنظمين أنفسهم في حرج كبير عندما يستقبلون نجوما كبار في قاعة مهترئة وتسكنها الجرذان وتعتبر موطنا لأنواع من البق والحشرات.
لقد أجمع الفنانون والمتتبعون للشأن الثقافي بمدينة أكادير، أنهم لم يسبق لهم أن تلقوا أي دعوة من القائمين على القطاع الثقافي بالجماعة الترابية لمدينة أكادير من أجل أخذ وجهة نظرهم ومقترحاتهم من أجل النهوض بالمشهد الفني والثقافي بالمدينة، كما أن الثقافة ظلت قطاعا هامشيا داخل استراتيجية المجلس والدليل على ذلك هو أن أصحاب القرار في المجلس أوكلوا هذا الملف إلى سيدة ضعيفة كأن الأمر يتعلق بجمعية ثقافية في الحي وليس مدينة عالمية كأكادير.
إن تدبير السيدة نعيمة لقطاع الثقافة كان بالهواية وليس بالإحتراف وقد ظهر ذلك في تدبير ملف منح الجمعيات الذي لم تتمكن السيدة القائمة على الملف أن تحسم في الأمر وأن تصل إلى إجراءات للنهوض بالمشهد التفريق بين الجمعيات الجادة وتلك المرتزقة التي ألفت ابتزاز المجالس السابقة.
إن مثقفي وفناني أكادير اليوم ينتظرون من القادمين إلى القصر البلدي لأكادير العمل على إعادة الاعتبار للمشهد الثقافي من خلال الانفتاح على أهل الاختصاص والاستماع إلى مقترحاتهم فإن أكادير مدينة تشكل فضاءا للعيش المشترك وليس للنوم والأكل فقط بل إنها مدينة قادرة على منح العيش الكريم لسكانها.
كما أن الفنان والمثقف المحلي ينتظر التفاتة من طرف المجلس من أجل رد الاعتبار ولو من باب إطلاق أسماء بعضهم ممن رحلوا إلى دار البقاء على بعض المؤسسات والشوارع بالمدينة ، من أمثال عزيز الشامخ وعموري امبارك وعبد القادر اعبابو وغيرهم كثير ..، وهذا أضعف ما يمكن أن يكرم به الفنان والمثقف المحلي في الوقت الذي اختار المجلس أسماء غريبة عن الثقافة المحلية وعن هوية مدينة أكادير كوجهة عالمية.