لا شكّ في أنّ ربط العلاقات أو قطعها بين الدول هو قرار سياديّ بامتياز تتحكّم فيه المصلحة العليا لهذا البلد أو ذاك.
ومن هذا المنطلق أعتبر قطع النظام الجزائري للعلاقة الدبلوماسية مع المغرب ابتداءً من اليوم قراراً سياديّاً خاصّاً بهم… كدولة ترى أنّ مصالحها مهدّدة باستمرارية العلاقة مع المغرب.
تماماً كما فعل المغرب مع ألمانيا منتصف هذه السنة… فقط مع فرق جوهري وأساسيّ في الأسلوب والصيغة والإخراج.
ذاك أن بلدنا عبّر عن ذلك ببيان لوزارة الخارجية يعلن فيه تجميد العلاقات مع كل المنظمات والهيئات ذات الصلة بألمانيا الفيدرالية دون أيّة إشارة للدوافع والأسباب أو التبريرات… فهو قرار سياديّ ولا جهة هناك في العالم تنتظرنا لإعطاء تفسيرات لقرارنا… هو سياديّ وبس.
هو ما لا نجده في الندوة الصحفية التي أعلن فيها السوبرمان لعمامرة قطع العلاقة مع بلدنا… حيث أسهب حدّ الغثيان في تبرير هذا القرار الغير المفاجئ… بل لاحظ جميع المتتبعين لهذه الندوة تشويش وارتباك في سرد هذه المبررات التي تعود إلى سنة 1963 تاريخ أسر قائدهم الأعلى حاليا… مرورا بالهجوم على قنصلية الجزائر… ومباشرة ذهب إلى تصريح وزير خارجية إسرائيل بالمغرب حول علاقة تقارب بين الجزائر وايران.
وإذا كانت الطغمة العسكرية الجزائرية لم تتجاوز بعد هزيمة 63 التي أعتبرها هجوما… فإننا نذكره بحرب أمغالا 1 و2… الذي يعتبر جوهر الصراع الحقيقي مع هذه الطغمة التوسعية أيام قوتها وجبروتها… لتعلن اليوم بأن عدم قبول المغرب لتنظيم الاستفتاء في الصحراء كاف لقطع العلاقة الدبلوماسية معه…
تأخرتم كثيراً… فالموضوع قد انتهى منذ زمان… وأصبح قناعة دولية إن على مستوى القاري والأممي.
نعم هذا هو مربط الفرس منذ استدعائك من جديد… لتكتشف أن الله هو الوحيد القادر على إحياء العظام وهي رميم…
لقد وقفت على حقيقة هزيمتكم وانهيار مشروعكم التوسعي وذهب كل الإنفاق وبالملايير على إثبات جمهورية الوهم… وآخرها جمع ست توقيعات فقط من أجل مسرحية طرد السفير الإسرائيلي من الاتحاد الافريقي… وبدون توقيع جمهوريتكم… ولذلك أسباب.
نعم فقطع العلاقة جاء بطعم الهزيمة كما عبّر عنها رئيسكم حين فاجئه الدور المحوري للمغرب أثناء زيارته لأديس أبابا ومكانته الاعتبارية وسط أفريقيا والعالم… وآخرها قرب الإعلان الرسمي عن انطلاق أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب أو ماتسميه الصحافة العالمية بأنبوب الحياة بين دول الساحل وغرب إفريقيا… وبدعم اروبي ودولي.
وآخر الهزائم القوية لنظام كم العدائي… الترحيب القوي والتبليغ وسط إسبانيا وبكل مؤسساتها بعودة العلاقة مع المغرب… إلى جانب الاتحاد الأوروبي.
مثل هذا البلد الذي يسمّى المغرب لا تقطع أواصل العلاقة معه… إلاّ من طرف الحاقدين والحسّاد لنهضته التنموية وريادته القارية ووزنه الأممي وقوة تأثيره.
وهذا هو العامل الثاني الذي جعل لعمامرة نفسه يتلعثم أثناء نطقه بالقرار وبوجه مكسوف وباهت…
هو بيان هزيمة دولة تبحث عن حبل غسيل لنشر أفعالها القدرة الأخيرة بالقول بأن المغرب هو السبب الرئيسي في حرق الغابات وقتل وحرق جثة ذاك المغدور… مع امتلاك الأدلة والبراهين لكل هذه الأفعال الإجرامية…
نعم لا أحد من الصحفيين تجرّأ بالقول عن طرح هذه القرائن للرأي العام المحلى والدولي…لا أحد من النظام نفسه طالب برفع دعوة ضد المغرب أمام المحاكم الدولية… و المطالبة بإدانة المغرب… لا أحد استطاع… أو يستطيع فعل ذلك… لأن لا شيء من ذلك… ولاشيء من ذاك التهديد المبطّن بجعل المنطقة مفتوحة على كل الاحتمالات وسيناريوهات معينة… لأن كل المهتمين بالشأن المغاربي أجمعوا بعد هذا القرار الأرعن الصبياني بأن الجزائر ليست بخير، و قد لا تكون بخير خلال العشرية القادمة، لأن المؤشرات الاقتصادية التي تبنى عليها قوة الدول الاستراتيجية، لا تدعو للتفاؤل، و أن احتياطي الصرف الجزائري تآكل ليصبح فقط 17 مليار دولا بعدما كان قبل سنوات قليلة يتجاوز الـ 600 مليار دولار، و هذا المؤشر لوحده كاف للتأكيد على أن هذا النظام العسكرى ذاهب نحو السقوط…
وإن غداً لناظره لقريب.
يوسف غريب – كاتب إعلامي.