يمر المغرب في الآونة الحالية من مرحلة جديدة في الديمقراطية الوطنية ، حيث ستعقد بعد أسابيع قليلة الانتخابات التشريعية والجماعية التي ستحدد من سيقود الحكومة المقبلة والمجالس البلدية والجماعية .
وفي هذا السياق يتساءل العديد من المتتبعين والمهتمين بالشأن السياسي الوطني، عن الحقبة التي خاض فيها المغرب أول انتخابات له بعد الاستقلال وعن الظروف التي رافقتها، فمتى كانت أول تجربة ديمقراطية بالمغرب ؟ وكيف كانت ؟
خاض المغرب اول تجربة ديمقراطية له بعد الاستقلال في ستينات القرن الماضي، وتحديدا سنة في مارس من سنة 1960، حيث شهد الوطن انتخابات الغرف المهنية التي فاز فيها حزب الاتحاد الوطني أشهرًا قليلة بعد تأسيسه، وبعدها في الانتخابات البلدية والقروية ليوم 29 ماي 1960، تمكّن حزب الاستقلال من تصدر المشهد بـ40 في المئة من المقاعد، ثم الاتحاد الوطني بنسبة 23 في المئة، أما حزب الحركة الشعبية الذي تأسس عام 1959، فقد نال سبعة في المئة.
وبعد ذلك بسنتين سيعلن المغرب عن مولود ديمقراطي جديد وهو اول دستور للمملكة بعد الاستقلال، في نهاية عام 1962، في سياق عرف مواجهة محتدمة بين القصر الملكي وبعض القوى الوطنية منها الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي قاطع التصويت على الدستور بدعوى أنه دستور ممنوح ويُشرعن الحكم المطلق للمؤسسة الملكية، بينما صوّت عليه حزب الاستقلال.
وفي سنة 1963 سيشهد المغرب أوّل انتخابات تشريعية وبعدها الانتخابات الجماعية، حيث تم توجيه عدة اتهامات من قبل المعارضة للقصر متعلقة بتزوير الانتخابات لصالح الجبهة الحزبية الموالية له، إذ يكتب المحامي الفرنسي موريس بوتان في كتابه “الحسن الثاني.. ديغول.. بنبركة: ما أعرفه عنهم”، أن جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية استعملت اسم الملك الحسن الثاني في الانتخابات متذرعة بأن الاتحاد الوطني والاستقلال والحزب الشيوعي يعملون ضده، متحدثًا أن أعوان الدولة عمدوا إلى توزيع الشاي والسكر على الناس، زيادة على التطهير في صفوف الإدارة بما يضمن انخراط الشيوخ والقياد في الدعاية، فضلًا عن إعلان أن ثلثي مستشاري الغرفة الثانية سيُختارون في مرحلة لاحقة من بين المنتخبين المحليين.
وخرجت نتيجة الانتخابات باكتساح الجبهة الموالية للقصر “الفديك اختصارًا”، إذ حققت 9 آلاف مقعد من مجموع عشرة آلاف، كما أعلنت وزارة الداخلية عن نسبة مشاركة غير منتظرة وصلت إلى 80 في المئة، وقد كتب مراسل جريدة لوفيغارو، حسب ما نقله موريس بوتان، أن ما عاينته الجريدة يؤكد أن أغلب الناس قاطعوا الاستحقاق، ومن نتائج هذا الاكتساح أن المقاطعين قاطعوا كذلك انتخابات غرفة المستشارين في أكتوبر من السنة ذاتها، ممّا جعل الطريق خاليًا أمام الجبهة لحصد 107 مقعد من أصل 120، ممّا زاد من ترّسخ الأزمة السياسية.