أفادت دراسة حول خطاب الكراهية في المغرب، أنجزها المنتدى المتوسطي للشباب بتمويل من مجلس أوربا
على أن إشكالية الكراهية تسيطر بقوة على الجامعات المغربية، خاصة بجامعة ابن زهر بمدينة أكادير، والقاضي عياض بمدينة مراكش، إضافة لانتشار خطاب الكراهية بجامعات شمال المملكة.
وتفيد الدراسة انه من بين المجالات الجامعية التي تعرف منسوبا مرتفعا من خطاب الكراهية بحسب المشاركين في الدراسة، قد تمت الإحالة على جامعة ابن زهر لأسباب منها العنصرية القائمة على الاختلاف الإثني والأعداد الكبيرة للطلبة القادمين من الصحراء والمناطق الأمازيغية.
ووفق الدراسة المذكورة، فإن جامعة القاضي عياض بمدينة مراكش تحتل المرتبة الثانية في المؤسسات الجامعية بالمغرب التي تعرف حضور خطاب الكراهية، حيث تمت الإشارة إليها لا سيما فيما يتعلق بالنزاعات والتصادمات القائمة بين طلبة قلعة السراغنة والطلبة الصحراويين، حيث يمثل التقاطع الإثني في جامعة مراكش والتقارب بين الثقافات والدراية بها أساس خطاب الكراهية، لا سيما أن الطلبة الصحراويين يزدرون الصفات الاجتماعية للسراغنة الذين يتواجدون بالأقاليم الصحراوية الجنوبية مما يدفع على استنتاج أولي أن الجامعة صارت محضنا من محاضن خطاب الكراهية.
وتقول الدراسة أنه فيما يتعلق بجامعة فاس فالتراكم التاريخي النضالي، يعد بحسب المشاركين المصدر الأساس لتفشي خطاب الكراهية في صفوف الطلبة فيصبح معه فضاء الجامعة فضاء للتصادم مع خصم مفترض (السلطات، الحكومة، المختلف أيديولوجيا…). فيما خلص المشاركون في الدراسة إلى أن خطاب الكراهية بالجامعات المغربية لها علاقة وثيقة بالانتماء الترابي وشعب التخصص واللهجة المستعملة وتأثيرها في عدم قبول الآخر، مع تسجيل غياب القدرة على الاختلاف والخلاف.
وشددت الدراسة على أن غياب القدرة على الاختلاف يولد خطابا متشنجا بين الطالب والأستاذ، حيث قدم التقرير المثال على ذلك بما يحدث في جامعات شمال المغرب من تمثلات حول الأساتذة القادمين من مدن أخرى والذين ينعتون، حسب الدراسة، بـ”الداخلية” و”العروبية” للمنتمين لمنطقة الغرب، حيث يعقد ذلك من دور الجامعة كفضاء للعيش المشترك، خاصة أن الدراسة سجلت انغلاق الجامعات المغربية على بعضها وعدم تبادل الخبرات والطلبة وهو ما يشكل عائقا لانتشار ثقافة التسامح وتقبل الآخر.
وأشارت الدراسة إلى أن تنامي خطاب الكراهية في الجامعة مرده كذلك كون الوافدين عليها من الشباب الذين يتراوح سنهم بين 18 سنة و24 سنة واكتشافهم لمجال وفضاء جديد، هو الكلية وبالضبط الحي الجامعي، يعد بحسب بعض الآراء مصنعا لخطاب الكراهية من خلال تفشي النزعة القبلية والتمثلات السالبة تجاه الآخر من خلال تعابير لغوية موروثة عن الصراع بين القبائل والمجموعات.
ووفف ذات المصدر فإن الفضاءات الجامعية لا تخلو من خطاب الكراهية سواء بشكل عمودي من إدارة وأساتذة وطلبة، أو بشكل أفقي أي بين الطلبة أنفسهم، حيث بينت نتائج الدراسة الكمية أن 27.4 % من الطلبة يعتبرون أنفسهم ضحايا خطاب الكراهية، في مقابل 72.6 % لا يعتبرون أنفسهم كذلك، بينما ذهب %37.6 من الطلبة المغاربة إلى أن هناك حضور نسبي الخطاب الكراهية في المؤسسات الجامعية بالمغرب. ويرى %31 من الطلبة، تضيف الدراسة، بأن خطاب الكراهية حاضر في المؤسسات الجامعية أما %15.3 فيعتقدون بأنه أقل حضورا، ويعتبر %7.8 منهم أنه أكثر حضورا، بينما يرى %82 من الطلبة بأن خطاب الكراهية بالفضاءات الجامعية غائب.
ومن بين التعابير السائدة داخل المؤسسات الجامعية التي تعبر عن هذا الخطاب حسب الدراسة ذاتها، نجد (عزي، عروبي، الداخيل، تاعرابت، عروبي مكلخ، كحلوش، شلح، صحراوي، حرطاني، کربوز…)، حيث اعتبر التقرير أن هذه التعابير تندرج ضمن الحقل الدلالي الإثني السائد داخل الجامعة المغربية، حيث تتواجد الفصائل الطلابية بكثرة وما يرتبط بها من كراهية مبنية على الإثنية أو الإيديولوجية السياسية.
وخطاب الكراهية وفق الدراسة هو نوع من أنواع التنفيس عن الاحباطات المجتمعية وأن فضاء الجامعة هو فضاء للحرية يفضي على تشنج عمودي وأفقي يمتد كذلك خارج أسوار الجامعة، كما تم كذلك الاستشهاد بجامعات فتية مثل جامعة الناظور التي يعتبر فيه الأجنبي المنتمي لجهات ترابية أخرى “إغربيين” أي الغريب عن المجموعة وعن عاداتها لتعدو الجامعة مجالا لامتداد التمثلات السائدة داخل المجتمع الريفي. ويعمق هذه الخطابات، تؤكد الدراسة، وجود تمثلات أفقية ترتبط بعلاقة خطاب الكراهية والتنمية من قبيل ثنائية المغرب النافع والمغرب غير النافع ذلك لأن الخطاب يرتبط في غالبية الحالات بنمط العيش والانتقال من القبيلة إلى الحياة الحضرية ويصطدم بالآليات والشحن النفسي (النكت والوصم الاجتماعي) المكتسبة من التنشئة المجتمعية التي يمكن أن يتحول معها الخطاب إلى عنف مادي وجسدي تجاه الآخر.
وقد تم تحويل هذا الواقع المجالي للجامعة إلى الفضاء الافتراضي مما أدى إلى خلق خطاب كراهية رقمي، نتجت عنه ثقافة كراهية تناظرية تعتمد على التشبيك والمجموعات والتكتل والاستقطاب فأصبح معها انتاج الكراهية من المسلمات التي تتأسس على الأفكار المسبقة حول الأخر وتشجع على الأحادية الثقافية واللغوية والعقدية وتشيع ثقافة العداء والعنف الرمزي حسب الدراسة.
وأكدت الدراسة أن الطلبة المهاجرين الذي يدرسون بالجامعات المغربية، لم يكونوا ضحية لهذا الخطاب بشكل كبير سواء من طرف الأساتذة أو الطلبة، حيث تشير إحصائيات الدراسة أن نسبة من كانوا ضحية الخطاب الكراهية من طرف الأساتذة لا تتجاوز نسبتهم 26.9%، في مقابل 73.1% صرحوا بأنهم لم يكونوا ضحية لأي شكل من أشكال الكراهية. أما فيما يخص الطلبة المغاربة، كشفت الدراسة أن %51 منهم لم يكونوا ضحايا الخطاب الكراهية من طرف زملائهم، في مقابل %49 منهم سبق لهم أن كانوا ضحية لهذا الخطاب، مشيرة إلى أن هذا الخطاب يرتبط في هذا السياق بالجدال الفكري الذي يحصل بين الطلبة بنسبة %46.4، كما يرتبط أيضا بالتعبير عن الآراء بنسبة %40.6، والانتقام بنسبة %16.7.
هذا وخلصت الدراسة إلى أن الطلبة المهاجرين أقل عرضة وممارسة لخطاب الكراهية في الفضاءات الجامعية مقارنة بالطلبة المغاربة، مضيفة أن تلك النسبة الضئيلة من خطاب الكراهية الموجودة بالمؤسسات الجامعية، والتي تمارس ضد الطلبة المهاجرين، يرجعها الباحثون إلى الاختلاف في اللون والثقافة وصفة المهاجر.
الجذير بالذكر أن الدراسة أنجزها كل من عبد اللطيف كداي، سعيد بنيس، محمد طارق، إدريس الغزواني، كما شملت مختلف مناطق المغرب، وتمت خلال النصف الثاني من سنة 2020، معتمدة على بحث ميداني، شمل 395 من الشباب، طلبة، مهاجرين، وإعلاميين.