تعد رقصة بوغانيم من الأنماط الشعرية الشفاهية الامازيغية العريقة،المهددة بالانقراض نظرا لندرتها وانفراد بعض المناطق بالحفاظ عليها، ورغم ظهور بعض التجارب الشابة التي اخدت المشعل. بقيت منطقتين وبالأحرى قريتين فقط هم من يحافظون على هذا الموروث الغنائي الغني الى يومنا هذا.
(بوغانيم)كلمة أمازيغية وتعني صاحب الناي أو العازف على الناي، أما كلمة «أغانيم» فمعناها: القصب حيت سميت الرقصة أو الفرقة تيمنا بصاحب الناي.
وتطلق هذه التسمية على فئة من الفنانين الذين يدخلون البهجة والسرور على الناس ويقومون بتسليتهم سواء بعزفهم على الناي أو بأدائهم لأغاني متميزة عادة ما تكون قصيرة، تتخللها بعض الحركات البهلوانية أو رقصة أو نكته أو تقليد لبعض أصوات الحيوانات كالديك مثلا أو الدجاجة، الكلب، أو القط وغير ذلك، ويمارس هذا الفن من طرف الرجال فقط في العزف فيما تحضر النساء في بعض الفرق عند المناسبات.
وقد اشتهرت ثلاثة مناطق أمازيغية مغربية بهذا النوع من الفن منذ القدم ويتعلق الأمر بقبائل: أيت بوكماز Ait Bougmmaz وأيت حديدو، وأيت يحيى، ومن هذه المناطق انتشر هذا التراث واشتهر عبر جل المناطق الأمازيغية وخاصة بالأطلسين المتوسط والكبير. وعبر التاريخ لم تستطع أي قبيلة أمازيغية أخرى مثل قبيلة: أيت بوزمور، كروان، أيت نظير، أيت يوسي، أيت مييل، أيت سخمان، زيان.. أن تنجب مثل هذه العينة من الفنانين(حسب تقدير احد الباحثين).
فرقة بوغانيم بايت بوكماز، تضم في تشكيلتها أربع رجال وأربع نساء؛ النساء بزي أمازيغي أبيض، يرقصن على إيقاعات البنادير والمزمار و الرجال، ثلاثة يطبلون على البنادير والرابع يعزف على المزمار.
وإن كان المايسترو هو الذي يتقدم الفرقة وينظم أشعارها وأغانيها ،فإنه،ليس هو العنصرالمهم في الفرقة، فالأنظار،تكون دائما مركزة على صاحب المزمار، الذي يزمر على القصبة، وهو يطوف حوله موجها بصره للأرض، وباقي أعضاء الفرقة يرقصون على نغماته في شكل دائري وعيونهم مصوبة أرضا، وكأنهم يبحثون عن شيء سقط منهم.
بقبائل آيت بوكماز وآيت عباس وآيت بلال، يستدعي الناس في حفلاتهم، فرقة بوغانيم لإحياء الأعراس والختان.ويرقصون على إيقاعاتها وأغانيها الأمازيغية.
رغم ندرة هذا الفن الامازيغي العريق وبغض النظر عن المكانة المهمة التي يكتسيها في قائمة الفنون الشعبية القديمة. إلا انه لم يتلقى ما يستحق من الاهتمام سواء في الاوساط الشعبية وكذا من لدن المسؤولين عن القطاع الذي كان من المفترض عليهم ان يضعوا خطة محكمة لإنقاذ ما تبقى من هذا الكنز الذي تزخر به تقافتنا.
إبراهيم إشوي: طالب بشعبة الدراسات الأمازيغية كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق-الدار البيضاء