يبدو أن نتائج الاستحقاقات الانتخابية القادمة أصبحت واضحة ومحسومة على مستوى الصورة العامة، فالقاسم الانتخابي لن يمنح الأغلبية لأي حزب وسيمكن الأحزاب الصغيرة من الحضور على مستوى العديد من المجالس الجماعية، كما أن تشتت الأصوات بحسب الخبراء سيزيد من صعوبة التفاوض وحصول الإجماع على بعض الأشخاص أو التشكيلات.
و هنا لابد من التنبيه إلى الاحتمالات التي يمكن أن يكون عليها المشهد الانتخابي بعد الإعلان عن النتائج، حيث ستفرز النتائج بناءا على مدخلات القاسم الانتخابي تعددا في الألوان الحزبية التي ستشكل المجالس، وهو ما سيجعل الوصول إلى مجالس جماعية متجانسة أمرا غاية في الصعوبة.
و تبعا لذلك وجب التأكيد على أن الولاء للحزب لم يعد له أي اعتبار في اختيار المرشحين وتشكيل اللوائح، فقد تابعنا جميعا كثرة الانتقالات من حزب إلى آخر والتي لا تخضع لأي ضوابط بل تتحكم فيها التحولات في المواقع من جهة والمزاجية في غالب الأحيان من جهة أخرى.
فغالبية الأحزاب لم تعد تعتمد معيار النضال والوفاء لأطروحة الحزب السياسية كمعيار لاختيار من يمثلها في المجالس، فالعديد منها يتهافت على الكائنات الانتخابية التي تتقن جمع الأصوات بأي وسيلة كانت.
إن هذا التحول في معايير الترشح للمسؤوليات السياسية والذي لا ينضبط للمؤسسة الحزبية التي فقد هيبتها على من يمثلها سيغرق العديد من المجالس المنتخبة في الصراعات من أجل المواقع وسيختفي الحديث عن البرامج والتنمية وكل تلك الشعارات الرنانة التي سيسمعها الجميع خلال الحملة الانتخابية.
لذلك يبدوا أن مهندسي القاسم الانتخابي يرغبون في إشراك الأحزاب الصغيرة في التدبير وتجنب سيناريو الحزب الأغلبي أو الحزب المهيمن، إلا أنه ومع التحول في القيم التي أصبحت تحكم السلوك السياسي سنجد أنفسنا أمام مشهد انتخابي مبلقن وستتأجل من جديد كل أحلامنا بجهوية متقدمة وبمجالس تصنع التنمية.
ما عدا إذا كان صناع القرار لا تهمهم تركيبة هذه المجالس مدام أن هناك شركات للتنمية المحلية ستصنع التنمية بواسطة موظفين يشتغلون ليل نهار ولا يهم بعدها ما يمكن أن تغرق فيه هذه المجالس من جدل عقيم وفوضى وصراع حول تعويضات الأسفار إلى الخارج وبعض المصالح الشخصية والأهم في كل هذا أن تصادق على تحويل الأموال إلى شركات التنمية المحلية.