يخلد الشعب المغربي وفي طليعته أسرة المقاومة وجيش التحرير، اليوم الاثنين، الذكرى الثامنة بعد المائة لمعركة الهري التاريخية، تلك المعلمة المضيئة والحدث الخالد في تاريخ المقاومة الوطنية.
ويشكل تخليد هذه الذكرى مناسبة لاستحضار النضالات والتضحيات التي قدمها الجنود المغاربة البواسل في سبيل الحرية والاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية.
وتعتبر هذه المعركة، التي ستبقى منقوشة إلى الأبد في الذاكرة الوطنية، واحدة من أشهر المعارك التي خاضها المجاهدون المغاربة ضد سلطات الحماية خلال بدايات مرحلة المقاومة المسلحة.
وتجسد معركة الهري التي قادها البطل المقاوم موحى أو حمو الزياني رفقة أهل زيان والقبائل الأمازيغية المتحالفة، قيم الوطنية والشجاعة والتضحية في سبيل خدمة الوطن، والتي أظهرها المقاتلون المغاربة البواسل لمواجهة الأهداف التوسعية بالتراب الوطني.
وجاءت هذه المعركة في سياق هيمنت فيه قوات الاحتلال على ما كان يسمى في نظر (ليوطي) ب (المغرب النافع)، وبعدما تمكن الجيش الفرنسي من ربط المغرب الشرقي بالجناح الغربي من الوطن عبر تازة في ماي 1914، قبل أن تتوجه أنظار الإدارة الاستعمارية نحو منطقة الأطلس المتوسط، وبالضبط صوب مدينة خنيفرة لتطويقها وكسر شوكة مقاومتها، في أفق فتح الطريق بين الشمال والجنوب عبر هذه القلعة الصامدة، التي شكلت إحدى المناطق التي اتخذها المقاومون ساحة للنزال للكفاح ضد المستعمر الأجنبي.
وتخلد ساكنة إقليم خنيفرة، في جو من الحماس والتعبئة واليقظة المستمرة، الذكرى ال 108 لمعركة الهري التي تجسد أروع صور الكفاح الوطني المستميت الذي خاضه المغاربة في مواجهة حملات توسع الجيوش الأجنبية الغازية لبسط سيطرتها على منطقة الأطلس المتوسط سنة 1914.
وقد شكلت هذه المعركة حدثا بارزا في تاريخ الكفاح والمقاومة الوطنية المسلحة، برهنت بجلاء عن مدى صمود الشعب المغربي في مواجهة الوجود الأجنبي والاستيطان الاستعماري على إثر فرض معاهدة الحماية سنة 1912.
فبعدما بسطت قوات الاحتلال الفرنسي سيطرتها على السهول والهضاب والمدن الرئيسية، توجهت أنظار الإدارة الاستعمارية نحو منطقة الأطلس المتوسط، وبالضبط صوب مدينة خنيفرة لتطويقها وكسر شوكة مقاومتها، في أفق فتح الطريق بين الشمال والجنوب عبر هذه القلعة الصامدة، التي شكلت إحدى المناطق التي اتخذها المقاومون ساحة للنزال في مواجهة المستعمر الأجنبي.
لقد كانت منطقة الأطلس المتوسط وخاصة مدينة خنيفرة هدفا لقوات الاحتلال الفرنسي بعد بسط سيطرته السهول والمدن الكبرى للمملكة عام 1914 بهدف فتح الطريق بين الشمال والجنوب.
وتعرضت هذه المنطقة التي قاومت بشراسة قوات الاحتلال، لعدة حملات عسكرية دون أن تتمكن من وضع حد للمقاومة التي قادها موحى أو حمو الزياني أحد أبطال المقاومة الوطنية حيث نقشت ملاحم الجهاد والشجاعة والتضحية ضد قوات الاحتلال الاجنبي بأحرف من ذهب في تاريخ المملكة.
وقد عمد موحى أوحمو الزياني، بعد الهجمات المتتالية على مدينة خنيفرة والقرى المجاورة، إلى إخلاء المدينة والتحصن بالجبال المحيطة بها وبالضبط بقرية الهري في انتظار أن تتغير الظروف، خاصة وأن أجواء الحرب العالمية الأولى أصبحت تخيم على أوروبا.
و في ليلة 13 نونبر 1914 قرر الكولونيل(لافيردير) القيام بعملية عسكرية واسعة استهدفت معسكر المجاهدين في قرية الهري، معبئا كل الوسائل الحربية واللوجستية المتطورة، وحشد عدد كبير من الجنود.
وهكذا، تم إرسال أربع فرق تضم 1300 جنديا، معززة بالمدفعية، وتوجه إلى معسكر الهري للقيام بهجوم مباغث على الدواوير وأماكن إقامة المجاهدين.
لقد كان الهجوم على معسكر القائد موحى وحمو الزياني عنيفا، حيث بدأ في الساعة الثالثة صباحا، وتم تطويق المعسكر، غير أن رد فعل المقاومة كان أشد بأسا حيث زاد عدد المقاومين بعد انضمام سائر القبائل الزيانية والمجـاورة لها.
لقد كانت أرض الهري من أكبر المقابر العارية لقوات الاحتلال حيث قدرت خسائر القوات الاستعمارية ب 33 قتيلا من الضباط، و580 قتيلا من الجنود، و176 جريحا، وغنم المقاومون 3 مدافع كبيرة، و10 مدافع رشاشة، وعددا كبيرا من البنادق.
كما قام موحى وحمو الزياني، بعد مرور ثلاثة أيام على معركة الهري، بتصديه على رأس فرقة مكونة من 3000 مجاهد، لزحف العقيد (دوكليسيس) الذي كان قادما من تادلة لنجدة وإغاثة ما تبقى من فلول الجنود المقيمين بخنيفرة.
وفي اعتراف مر بهزيمة المستعمر في هذه المعركة، كتب الجنرال غيوم، وهو ضابط فرنسي شارك في الحملة على الأطلس المتوسط، في مؤلفه (البربر المغاربة وتهدئة الأطلس المتوسط 1912 – 1933)، أن القوات الفرنسية (لم تمن قط في شمال إفريقيا بمثل هذه الهزيمة المفجعة).
و م ع