بعد خروج آخر جندي اسباني من الأقاليم الجنوبية سنة 1976م، مازالت هذه المناطق تحتفظ بما يذكرها بتلك الحقبة التاريخية، معالم و عمران و آثار شاهدة على عصر الاستعمار الاسباني الممتد من سنة 1884م إلى حدود سنة 1975م.
الكنيسة الإسبانية بمدينة العيون، أو مايعرف لدى مجمع الكنائس، بكاتدرائية القديس فرنسيس الأسيزي
(Catedral de San Francisco de Asís de El Aaiún)
واحدة من المعالم التاريخية التي لا زالت قائمة حتى الآن، بنيت سنة 1954م، و تابعة دينيا للكنيسة الرومانية الكاثوليكية، صممها المهندس المعماري الإسباني (دييغو مينديز ) الذي صمم النصب التذكاري الشهير (وادي الشهداء)في مدينة مدريد، تكريما لارواح الحرب الأهلية الاسبانية، و كذلك حيث دفن ملك اسبانيا آنذاك فرانسيسكو فرانكو.
شيدت الكنيسة ضمن أول المباني التي أنشأها الجيش الإسباني على ضفاف وادي الساقية الحمراء، ولعبت دورا مهما إلى جانب أداء الطقوس الدينية المسيحية، من خلال إشرافها على تقديم خدمات ثقافية و طبية للجنود الاسبان، كما قامت في الوقت نفسه ببرامج تبشيرية في عهد الاستعمار.
أغلقت الكنيسة أبوابها بعد خروج الجيش الاسباني من المدينة سنة 1975م، وتوقف نشاطها إلى حين توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار سنة 1991م، لتعود الحياة إلى الكنيسة التي تعد حالياً مركز العبادة الرئيسي للمجتمع المسيحي، المتألف من بقايا المجتمع الإسباني الذي لا يتعدى 20 شخصاً المقيمين حاليا بالعيون، بعد ماكان عددهم 20.000 آلف مسيحي، إبان عهد الاستعمار وفق تقرير الحريات الدينية الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2019، إضافة إلى بعض من أعضاء بعثة الامم المتحدة للصحراء (MINURSO) اللذين يزاولون عملهم بمكاتب البعثة في المدينة.
ويشرف القس (ماريو ليون دورادو)على الكنيسة بمدينة العيون، بعد تعيينه بتاريخ 24 يونيو 2013م، من قبل بابا الفاتيكان، خلفا للقس المستقيل “أكاسيو فالبوينا رودريغز Acacio Valbuena RODRÍGUEZ. ورغم قلة المسيحيين يقوم القس بأداء الطقوس الدينية داخل الكنيسة بشكل مستمر لا سيما أيام السبت والأحد.
ويشكل التصميم المعماري للكنيسة الاسبانية بمدينة العيون مزيجا بين الحضارة الاسبانية و الثقافة الصحراوية، وأصبحت هذه المعلمة جزءا من التراث المادي للمنطقة، ما جعلها في عصرنا الحاضر رمزا لتعايش والسلم بين ديانات، و دليلا على التنوع الثقافي والديني للمملكة المغربية.