السمة البارزة التي ميزت الدخول المدرسي لهذه السنة هو هذا الصمت المريب والتواطؤ غير المعلن بين ما يسمى بفدراليات جمعيات الأباء والوزارة حيث تم التأشير على تأخير الدخول شهرا كاملا كما تم الإسراع إلى الإعلان عن برنامج العطل كأننا في سبق مع الزمن الذي تم هدره بتواطؤ من الجميع.
وقد ساهمت أجواء الانتخابات وواقع الأسر المثقل بكثير من الأعباء في أن يمر هذا الدخول في أجواء باهتة كأن المدرسة لم تعد ذلك الانقلاب الاجتماعي الذي يقع في الأسر المغربية حيث تتحول المدرسة والزمن المدرسي هو الإيقاع الذي يضبط برنامج الأسر فعطل وأسفار العائلة وبرنامجها عموما يبقى مرتبط بشكل وثيق بالمدرسة.
ومن الحقائق الفاقعة التي لا يلتفت إليها إلا قليل هو هذا الدور المحوري للمدرسة الذي تلعبه داخل المجتمع المغربي بالرغم من الكلفة الكبيرة لهذه المدرسة على الطبقات التي سميت زورا بالوسطى والتي انحدرت بها السياسات اللاجتماعية للحكومات المتعاقبة إلى مصاف الفئات المعوزة.
فهذه الطبقات لا يمكنها الاستفادة من برنامج تيسير ولا من الدقيق المدعم ولكنها معلقة بين نمط عيشها الذي يفرضه عليها مستواها الثقافي وبين الفقر الذي يتربص بها من كل الجوانب، لذلك فالدخول المدرسي مناسبة للتذكير بأن هذه الطبقة أصبحت في الأسفل وبأن الترتيب السليم للفئات المجتمعية أصبح مهددا في الصميم.
فإذا كان من برنامج يجب أن تعمل عليه الحكومة المقبلة هو إعادة النظر في جميع البرامج التي تم توجيهها للنهوض بالمدرسة العمومية لأن هذه الأخيرة هي المدخل الوحيد إلى النموذج التنموي المنشود فلا يمكن بناء مجتمع قوي ومنتج إلا بمواطن متعلم واعي بدوره في صناعة التنمية.
إن كل من يريد أن يقنعنا اليوم بأنه مشغول بحاضرنا فليعمل على توفير أسباب الكسب الكريم للمغاربة ومن أراد أن يدعي أنه مهموم بمستقبل المغاربة فليكشف لنا عن خطته لإصلاح المدرسة العمومية والعمل على أن تستعيد هيبتها في نفوس الأسر وقوتها في إنتاج الكفاءات في كل المجالات وليس إنتاج روبوتات بشرية لا علاقة لها بالواقع المجتمعي الذي نعيشه.
تعليق واحد
مواطن واعي متعلم ركيزة مجتمع متوازن منتج …
ببناء العقل البشري نبني مجد وتطور الوطن …
ام محمد