اعتبر عبد الوهاب البقالي المستشار الجماعي المعارض عن الحزب الاشتراكي الموحد بمجلس جماعة مكناس، بأن عملية التحالف داخل جماعة مكناس لم و لن تنجح بناء على طبيعة المشهد الحزبي في المغرب ووضعيته الهشة التي لا تتوفر على قوى سياسية تتحالف بناء على برامج ورؤى وأفكار.
جماعة مكناس تجسيد مصغر للمشهد الحزبي المغربي
وقال البقالي في حوار حصري له على جريدة مغرب28، بأن الطريقة التي تُشكل بها المجالس الجماعية بالمغرب تتحكم فيها الامتيازات والريع، مشيرا إلى أن هناك أفراد وعناصر عوضت النخب وهي أشبه بالأعيان، وهو ما تمظهر في التحالفات داخل المجالس.
وبسط البقالي في حواره مجموعة من المعطيات التي تحكمت في هشاشة المجلس المسير لجماعة مكناس، كما قدم مجموعة من التفسيرات التي تقف وراء حالة اللانسجام المهيمنة على المجلس.
وحسب البقالي فإن الأصل هو الإنسجام بين مستشاري حزب التجمع الوطني للأحرار المسير للأغلبية داخل الجماعة، غير أن العكس هو الظاهر، حيث (نجد أنفسنا أمام فريقين من نفس الحزب الأول في الأغلبية و الثاني في المعارضة)، و هو ما يطرح إشكالية توفر أحزاب حقيقية في المغرب، حيث اعتبر البقالي بأنه( من المفروض أن يتم استدعاء الفريق الغير منضبط لقرارات الحزب لكي تطبق في حقه المساطر القانونية).
وذكر المستشار الجماعي، بأن الأغلبية التي تشكل الحكومة هي ثلاثة أحزاب (الاستقلال، الأصالة والمعاصر ثم التجمع الوطني الأحرار)، مشيرا إلى أن حزب الأصالة والمعاصر غير منسجم مع الأغلبية المسيرة لجماعة مكناس لخلافات صنفها بأنها ذاتية، بين أطراف و لوبيات تتحكم في دواليب الحياة السياسية بالمدينة.
منطق الشد والجذب يهيمن على مجلس جماعة مكناس
وعن سؤال الجريدة بخصوص سيطرت منطق الشد والجذب داخل الأغلبية المسير لمجلس جماعة مكناس، قال البقالي( في البداية الأمور كانت سمن على عسل لكن الخلافات داخل الأغلبية بدأت تتمظهر شيئا فشيا في مسألة التفويضات).
يتابع(في البداية لاحظنا بأنه تم اقتسام التدبير المفوض بين هيئتين سياسيتين، و مصلحة التجهيز والإنارة بين هيئتين سياسيتين كذلك، وهذا لم يرح البعض، كما أن المراسلة التي توصل بها مجلس الجماعة في هذا السياق من عامل المدينة خلقت اشكالا من الناحية القانونية.
كل هذا حسب البقالي خلق وضعية شاذة بينت بأن الأطراف المختلفة لم تكن تحمل هم خدمة الصالح العام، بل تقسيم الغنيمة، يضيف(والآن بعد ما تم تصحيح الأمور و أخذ كل واحد ما كان يسعى وراءه بقي الوضع كما هو عليه، و لا زالت نفس الإشكالات والمشاكل، ورغم ذلك فقد تمت تهدئة الأمور).
في هذا السياق تساءل البقالي، (هل كانت هناك رؤية استراتيجية، لذى هؤلاء؟ هل وضعوا نصب أعينهم حينما يحصلون على مبتغاهم ويتوفرون على تفويض معين، تعاقدا مع الساكنة أو التزاما بحل الملفات)، مضيفا(وقد لاحظنا بأن الأمور ظلت راكدت لسنة ونصف).
واعتبر عضو المكتب السياسي لحزب الاشتراكي الموحد، بأن كل ما سبق ذكره (نتج عنه هدر للزمن التنموي داخل جماعة مكناس في خلافات ذاتية عقيمة تجر ديونها من الانتخابات وتتجلى كذلك في المنظومة السياسية والانتخابية التي ترافقها في نمط الاقتراع، وما تعلق بغياب العتبة وهو ما عكس فائضا من الريع).
كل هذا حسب البقالي (أضعف المجلس وفوت علينا فرصة التوفر على مجلس جماعي يدبر وينضبط معه جميع مستشاري الأغلبية للقرارات التي تصدر، وهو ما جعلنا اليوم نحصل على نتائج متسمة بغياب الرؤية و الضبابية في التدبير).
المعارضة معارضات والأغلبية أغلبيات
البقالي، اعتبر بأن المعارضة بمجلس جماعة مكناس تنقسم بدورها إلى معارضات كون الأحزاب الثلاثة التي تتشكل منها المعارضة بالمجلس والمتمثل في حزب العدالة والتنمية وحزب الاشتراكي الموحد و حزب الأصالة والمعاصرة، من المستحيل التنسيق معها.
يوضح أستاذ القانون العام بجامعة شعيب الدكالي، حزب الأصالة والمعاصرة وجد نفسه بالصدف في المعارضة، كونه ليس بحزب معارض في الأصل، لأن جميع المجالس الجماعية تشكلت بمنطق التحالف الحكومي الثلاثي، وما يجعل المجلس الجماعي لمدينة مكناس استثناء هي الأمور الذاتية بين الأطراف التي تتحكم في اللعبة السياسية بمكناس، كونها لا تريد طرفا معينا أن يكون بجانبها لاعتبارات تاريخية حول صراع الأعيان بالمدينة.
وعن حزب العدالة والتنمية، يقول المتحدث، بأنه وجد نفسه كذلك في المعارضة، وهو الذي كان مسؤولا لمدة طويلة على تدبير المدينة، وتساءل البقالي ما الذي كان يمنعه أن يكون في الأغلبية و هو الذي راكم تجربة مهمة في التدبير الجماعي؟
أما الحزب الإشتراكي الموحد فقد وضع حسب البقالي، خطوطا حمراء في التحالفات، حيث لا يمكن أن يتحالف سوى مع أطراف سياسية قريبة من الصف الديموقراطي.
كل هذا يؤكد فرضية كون المعارضة داخل جماعة مكناس هي معارضات، كما أن الأغلبية كذلك هي أغلبيات باعتبارها غير منسجمة.
وخلص البقالي إلى كون هذه الفسيفساء هي جزء من إشكال خلق فريق قوي في تدبير مجلس جماعة مدينة مكناس.