قال البروفسور عز الدين الابراهيمي مدير مختبر التكنولوجيا الطبية بكلية الطب والصيدلية بالرباط وعضو اللجنة العلمية والتقنية المتتبعة لكوفيد 19 بالمغرب، إننا نعرف بعض المعطيات حول السلالة الجديدة أوميكرون، كما ستكون لدينا فكرة أفضل خلال الأسبوعين القادمين، ما يدفع الى التواضع العلمي في مواجهة المتحور الجديد.
وأضاف البروفيسور في تدوينة له عبر صفحته على الفيسبوك أمس الاحد، بأننا بحاجة الى الالتزام بالهدوء والقيام بتحليل الوضع علميا وبتجرد، لتجاوز المتحور أوميكرون.
وطرح الابراهيمي عدة أسئلة حول المتحور الجديد أوميكرون، ليبين العديد من المعطيات من خلال الاجابة عليها.
متى ظهرت السلالة أول مرة؟
تبين شجرة نشوء وتطور السلالات (أنظر المرفق) أن السلالة ظهرت منذ مدة. فهذه السلالات لا تنحدر من فيروسات “متحورة” تم تحديدها مسبقًا وأقرب ارتباط تطوري لها هو فيروسات مارس من سنة 2020.
أين ظهرت أول مرة؟
في تقديري الشخصي أن حديثنا في تحديد هويته وبالتزامن في جنوب إفريقيا وبوتسوانا وملاوي ومصر (2 على ما يبدو الآن) يعني أنه كان متواجدا في بقاع متعددة من العالم وهو “يطير تحت الرادار” في بلدان ليست لها القدرة الكبيرة لتحديد التسلسل الجينومي وبوتيرة منتظمة تمكن من اكتشافه مثل جنوب أفريقيا والتي دقت ناقوس الخطر… فالحقيقة أن الدول الأوروبية اكتشفته فقط في المسافرين بعد تحذير جنوب إفريقيا ودول أخرى منه، ربما يعني أن العديد من الحالات لم يتم اكتشافها حتى الآن.
هل ينفي ذلك ظهوره في جنوب إفريقيا؟
أبدا وقد تحدثنا كثيرا عن كوفريكا… السلالة التي ستنتجها إفريقيا في غياب عدالة تلقيحية دولية… ولاسيما في دول الجنوب الإفريقي المعروفة بوجود الكثيرين من فاقدي المناعة بسبب مرض السيدا والذين يمكن أن يكونوا خزانا للسلالات لأن الفيروس يتعايش بداخلهم لشهور عدة ولاسيما إذا لم يلقحوا… التدوينة مع المرفقات.
هل تنتشر هذه السلالة بسرعة؟
أرقام جنوب إفريقيا ترنو لذلك كما يتضح في المبيان… ولكننا نحتاج أولاً إلى معرفة مدى انتشاره… وتحديد مؤشر توالده… وما هي قدرته في مواجهة وتعايشه مع دلتا… أسئلة تبقى معلقة إلى حين…
هل ستصل هذه السلالة إلى المغرب؟
بصراحة جارحة… بلدنا ليس استثناءا والجائحة كونية… وبما أن المنحور الجديد تم تسجيل وصوله إلى أوروبا… فإذن الخطر جد قريب وجِدّ وارد… وإن لم نتخذ الإجراءات اللازمة فستصبح مسألة وصوله… فقط مسألة وقت… ولن تتعدى بضعة أيام أو بضعة أسابيع…
ماذا نعرف عن أوميكرون؟
يتميز هذا المتحور بالعدد الكبير من الطفرات والذي يمكن أن يجعله أكثر قابلية للانتقال… يتوفر أوميكرون وإسمه العلمي “B.1.1.529” على أكثر من 30 طفرة في جزء من الفيروس يسمى بروتين سبايك، وهو هيكل يستخدمه الفيروس التاجي لدخول الخلايا التي يهاجمها… وهذا العدد يوازي تقريبا ضعف الطفرات عند دلتا… وهذا العدد الكبير من الطفرات قد يجعل المتحور ينتشر بسرعة ويقلل من فعالية اللقاحات…
أمثلة على ذلك… الطفرة E484A التي تساعد الارتباط بمنطقة RBD… وطفرتي Q498R و S477N و اللتين تحسنان من الارتباط بالمستقبلات ACE2… كل هذا إضافة للطفرات الموجودة لدى السلالات الأخرى مثل طفرة N501Y – ألفا و بيتا و دلتا و H655Y – جاما و N679K – جاما و دلتا و T478K و P681H – ألفا و K417N بيتا و N440K B.1.628 و P681R دلتا… و الطفرات كثيرة….
هل هناك هروب مناعي للسلالة؟
لا يمكن الإجابة علميا وبدقة عن هذا السؤال لأن التجارب قيد الإنجاز… المحاكات التي أجريت لحد الأن تبين أن بعض المستضدات التي استعملت لتطوير اللقاحات الجديدة قد تضررت… ولكن أذكر أن لقاح سينوفارم الأكثر استعمالا في المغرب طور ضد أجزاء مختلفة من الفيروس وليس فقط الشوكة البروتينية وأظن أنه سيحتفظ بنجاعته… وقد أثبتت كل اللقاحات لحد الأن نجاعتها ضد الكوفيد وضد كل السلالات وبنجاعة تفوق السبعين وعلى أرض الواقع… وسننتظر النتائج التي ستصدر قريبا…
ماذا عن غير الملقحين؟
نعرف أن الكثير ممن طوروا هذه السلالة في جنوب إفريقيا لم يكونوا ملقحين وأن حامليها من مصر إلى بلجيكا في نفس الوضعية… وإذا كان بإمكاننا التنبؤ والتجريب علميا بالنسبة لمناعة الملقحين لأننا نعرف نوع اللقاح المستعمل والكمية التي أعطيت والمؤشرات المناعاتية بدقة ووو… فعلميا فإننا لا يمكن أن نتكهن ولا ننجز أعمالا مختبرية بالنسبة لغير الملقحين… لأن لكل شخص غير ملقح مناعة مختلفة تملي استجابتهم لإصابة وتطوير المرض…
هل تسبب الإصابة بأوميكرون مرضا أفتك؟
لا ندري إن كان يتسبب في مرضً أشد وأفتك… يمكن أن يكون للملقحين أمل أكبر في التشافي وعدم تطوير الحالات الحرجة ما دام التلقيح يرفع من مستويات المناعة الخاصة والعامة… كل اللقاحات وفي جميع البلدان وضد جميع السلالات أثبتت نجاعتها بنسبة أكثر من 95 في المئة ضد الحالات الحرجة…
و ختم البروفسور الابراهيمي تدوينته، بما يجب أن نفعله حتى لا نضيع كل مكتسباتنا و لا نساعد في اندلاع موجة وبائية على مستوى عالي من الخطورة، الجواب موجود و قد أكدنا عليه مرارا، الحل في التعاقد الاجتماعي الذي يجمع الدولة بالمواطنين، فعلى مدبري الأمر العمومي حماية حدودنا من خلال التقليل من خطر توافد المتحور و دعم و تكثيف المراقبة الجينومية و الوبائية و توفير جميع اللقاحات للمواطنين… و الذين من جانبهم العودة إلى الالتزام بالإجراءت الاحترازية الشخصية و التي ورغم تبخيس الكثيرين لها تبقى علميا ناجعة… و بالطبع التلقيح و الذي يمكننا أن لا نقتنع به و نشكك فيه و لكن يبقى على أرض الواقع ناجعا و فعالا كما يظهره المبيان و الذي يربط بين عدد الوفيات و نسبة الملقحين بأوروبا و بطريقة علمية واضحة.