انطلقت، صباح يوم الاثنين 24 مارس الجاري، بالمحكمة الابتدائية بأزيلال، أولى جلسات محاكمة ثلاثة معتقلين على خلفية الاحتجاج ضد غلاء أسعار السمك في السوق الأسبوعي بجماعة آيت تكلا. ويتابع الموقوفون بتهم “التدخل بغير صفة في وظيفة عمومية” وفقًا للفصل 380 من القانون الجنائي، و**”التحريض المباشر على ارتكاب جنح بواسطة الخطب والصياح في الأماكن العمومية”** بموجب الفصل 299-1. وقد شهدت الجلسة حضورًا لافتًا لمحامي الدفاع وعدد من النشطاء الحقوقيين وأفراد من عائلات المعتقلين.
وكانت الواقعة قد أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط المحلية والوطنية، حين تجمهر مجموعة من المواطنين يوم الأحد 16 مارس الجاري، في السوق الأسبوعي بآيت تكلا، محتجين على ما وصفوه بارتفاع أسعار سمك السردين الذي بلغ 15 درهمًا للكيلوغرام. وانتهت الاحتجاجات بتدخل السلطات المحلية بمعية عناصر الدرك الملكي، ما أسفر عن توقيف ثلاثة أشخاص بتهمة التحريض على التجمهر غير المرخص.
وخلال الجلسة، تقدم محامو الدفاع، سعيد الكتاو، أحمد الناصري، وعبد اللطيف أيت الحاج، بملتمس لتمتيع موكليهم بالسراح المؤقت، مستندين إلى غياب العناصر الجرمية الموجبة للاعتقال. كما أكد المحامون أن المعتقلين لم يتورطوا في أي أعمال عنف أو شغب، وأن الاحتجاج كان سلميًا، يعكس غضب المواطنين من غلاء أسعار السلع الأساسية. غير أن المحكمة رفضت هذا الملتمس، وقررت تأجيل الجلسة إلى يوم الخميس 27 مارس لمواصلة النظر في الملف.
في المقابل، عبرت منظمات حقوقية عن استيائها من قرار الاعتقال، معتبرة أن الاحتجاج السلمي حق يكفله الدستور المغربي. وفي هذا السياق، أكد السيد حسن الشهلاوي، رئيس المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان، أن “اعتقال المواطنين لمجرد احتجاجهم على غلاء الأسعار يشكل مساسًا خطيرًا بالحريات العامة”. كما شدد على أن المقاربة الأمنية ليست الحل الأمثل لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
من جانبه، أعلن المكتب الإقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بأزيلال تضامنه الكامل مع المعتقلين، مؤكدًا أن الحق في التعبير السلمي يجب أن يُحترم، وأن “تجريم الاحتجاج السلمي يتنافى مع مبادئ دولة الحق والقانون”. ودعا المكتب إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين ومراجعة المقاربة الأمنية في التعامل مع مثل هذه الاحتجاجات.
فيما عبرت عائلات المعتقلين عن صدمتها من استمرار اعتقال أبنائها رغم عدم ثبوت أي أفعال عنف أو تخريب خلال التجمهر. وأكدت العائلات أن أبناءها كانوا يحتجون بطرق سلمية على غلاء الأسعار، مطالبين بتخفيض سعر السمك إلى مستوى يناسب القدرة الشرائية للمواطنين.
وتترقب الأوساط المحلية والوطنية الجلسة المقبلة بحذر، وسط دعوات حقوقية وسياسية إلى احترام حقوق الإنسان وضمان حرية التعبير السلمي. كما تتزايد الضغوط على السلطات المحلية لتقديم توضيحات بشأن الأسباب الحقيقية وراء هذه الاعتقالات، في ظل تنامي الغضب الشعبي من غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية.