صدر حديثاً كتاب أكاديمي باللغة الفرنسية تحت عنوان “السمارة، المدينة والمجال الترابي بالصحراء الداخلية: الموروث والرهانات السياسية”، من تأليف الأساتذة أحمد بلقاضي ومحمد بنعتو، من “فريق الدراسات والأبحاث حول المجال والمجتمعات بالجنوب” بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير – جامعة ابن زهر، بمساهمة الباحث مليح عبد اللطيف. ويعد هذا المؤلَّف العلمي الجديد حلقة ضمن مشروع بحثي انطلق منذ أكثر من عقدين، هدفه دراسة تحولات الجنوب المغربي، خصوصاً الصحراء المغربية، وقد أثمر المشروع عدداً من الإصدارات، كان أبرزها “المغرب الأفرو-أطلنتي: التكامل الإقليمي والانفتاح الدولي”.
ويرصد الكتاب، الواقع في 287 صفحة، التحولات الجغرافية والسياسية التي عرفتها الصحراء المغربية، ويحلل بعمق المسار الذي سلكته مدينة السمارة للتحول إلى مركز محوري في الصحراء الداخلية، بعيداً عن التبعية الحضرية التقليدية لمدينة العيون. كما يتناول الأبعاد الاستراتيجية التي يكتسيها هذا التحول في ظل التغيرات الإقليمية المتسارعة، لاسيما مع إطلاق المبادرة المغربية الأطلسية، التي تسعى إلى فتح منافذ بحرية لدول الساحل الإفريقي عبر المحيط الأطلسي، مما يعزز من مكانة السمارة كفاعل جيوسياسي ناشئ في المنطقة.
وينقسم الكتاب إلى خمسة محاور رئيسية، تشمل: السمارة كمجال روحي وحركية قبلية؛ ثم إشكالية الحدود الشرقية للمنطقة؛ يليها تحليل لأدوار مدينة السمارة الحضرية على الصعيد الإقليمي؛ ثم استكشاف للعلاقة بين المجال الترابي والفعل السياسي في المدينة؛ وأخيراً، محور يسلط الضوء على دور السمارة في إطار المبادرة الأطلسية المغربية، باعتبارها عنصراً حاسماً في إعادة تشكيل المشهد الجيواستراتيجي للصحراء الداخلية. ويؤكد المؤلفون أن هذه الديناميات المتسارعة تفرض على صناع القرار إعادة النظر في موقع السمارة في السياسات العمومية، بما يعزز من دورها كمركز صاعد في الجنوب المغربي.